Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
Le BLog De Aziz
27 mars 2008

علاقة المجتمع المدني بالتنمية البشرية

من المعروف أن الحكومات المنتخبة في العالم العربي هي التي تتحمل مسؤولية تسيير الدولة والعمل على تحقيق رفاهية المجتمع البشري وتنميته على جميع المستويات والأصعدة. بيد أن هذه الحكومات العربية مازالت تتخبط في الكثير من المشاكل العويصة والأزمات الخانقة على جميع المستويات والأصعدة، لايمكن وحدها إطلاقا أن تساهم في بناء مجتمع نام ومتطور ومتقدم، ولاسيما إذا كانت مواردها الطبيعية ضعيفة وإمكانياتها المادية والمالية هزيلة ومحدودة، أو تملك على العكس من ذلك موارد متوفرة و أرصدة بنكية كثيرة، وعلى الرغم من ذلك فإننا نجدها تفتقد إلى تقنيات التخطيط الجيد والمحكم، و ينعدم فيها البحث العلمي، وتفتقر إلى آليات التكنولوجيا، كما لا تشغل المعرفة العلمية تشغيلا وظيفيا يؤهلها لتحريك دواليب الاقتصاد وتفعيل بنى الدولة الإنتاجية.

ومن هنا، نسجل مدى أهمية حضور دور المجتمع المدني في العالم العربي إلى جانب عمل الحكومة عن طريق التدخل والمساعدة واقتراح المشاريع والحلول الصائبة والخطط الناجعة للخروج من الأزمات والمشاكل بصفة خاصة ومن آفة التخلف بصفة عامة.

ويلاحظ خلافا لذلك أن المجتمع المدني في الغرب يقوم بما لايمكن أن تقوم به الدولة، حيث يسعى جاهدا لخدمة الإنسان ماديا ومعنويا من أجل تحقيق الرفاهية المادية والإسعاد المعنوي والثقافي الكلي والشامل.

ونفهم من كل هذا أن التنمية البشرية هي التي تتوجه إلى الإنسان ويشارك فيها الإنسان، أي إن الإنسان يصبح في مفهوم التنمية هو المنفعل والفاعل والذات والموضوع والحاضر والمستقبل والإرادة والاختيار. لذا على جميع الطاقات البشرية أن تساهم في خدمة المجتمع المحلي والجهوي والوطني والقومي والإنساني قصد الحصول على السعادة المادية والعقلية والروحية فوق هذه الأرض المباركة.

وينبغي للناس حسب جورج قرم أن: "يشاركوا مشاركة تامة في القرارت والإجراءات التي تشكل حياتهم. وتبرز هنا بشكل خاص أهمية منظمات المجتمع المدني وإمكانية المحاسبة وتعديل المسار عند الضرورة. فالناس في التنمية ليسوا مجرد متلقين سلبيين بل هم عاملون فاعلون في تشكيلها." [17]

ويساهم المجتمع المدني بعدة أنشطة اجتماعية واقتصادية وثقافية وإيكولوجية وسياسية وعلمية لإخراج المنطقة التي ينتمي إليها ذلك المجتمع من أزماته الخانقة ومشاكله المادية والمالية والبشرية والمعنوية المحبطة عن طريق رسم خطط إصلاحية وتغييرية جادة حاضرا ومستقبلا لتحقيق التنمية المستدامة وتطوير القدرات البشرية الذاتية لخدمة الآخر عن طريق الدفاع عن حقوقه المدنية والسياسية والحفاظ على البيئة والقضاء على ظاهرة التلوث والانحباس الحراري ومحاربة الأمراض المتفشية كالسيدا وأنفلونزا الطيور، والوقوف في وجه الإرهاب وتوعية الناس بأخطار التطرف وضرورة تبني خطاب التسامح والتعايش والأخوة، والعمل على الحد من كل أنواع الأميات المتفشية داخل الوسط البشري، وتوفير رعاية صحية جيدة ومناسبة، وتنظيف الأمكنة الآهلة بالسكان المدنيين، وبناء المؤسسات التربوية لتربية المرأة وتعليمها، وتشييد مراكز لحماية الطفولة ورعاية الشباب، والسهر على خلق جمعيات اجتماعية تتكفل بمساعدة الفقراء والمعوزين، وتكوين أندية رياضية وثقافية وأدبية وفنية لتنشيط الفضاء الثقافي داخل الوسط البشري، بله عن توعية المواطنين عبر الصحف والأحزاب السياسية المستقلة، والتنسيق مع الحكومة لإنجاز المشاريع الضخمة التي تحتاج إلى إمكانيات مالية ضخمة وموارد جبارة لتأهيل الوسط المجتمعي والفضاء البشري ليتبوآ مكانتهما اللائقة بهما.

ولكن لا يمكن أن يتحقق هذا المجتمع المدني في أرض الواقع بهذه المواصفات الإيجابية إلا في مجتمع ديمقراطي يؤمن بالخلاف والتعددية والحوار، ويستند إلى خطاب التواصل الحميمي والتسامح الإنساني وحب الغير بدون إقصاء أو تغريب أو ممارسة العدوان ضد الآخرين.

وهكذا يجمع المفكرون والمثقفون العرب على أن: "الديمقراطية هي المخرج الأساسي للشعوب العربية من مأزقها الحالي وما تعانيه من مشاكل وأزمات. فلا يمكن بغير الديمقراطية الحديث عن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أو التطلع إلى تحديث حقيقي للمجتمع، أو توفير العدالة الاجتماعية، أو تعميق المشاركة الشعبية.

الديمقراطية في جوهرها طريقة في الحياة وأسلوب لتسيير المجتمع وتدبير شؤونه بوسائل سلمية. وبمعناها الواسع تعني الديمقراطية مشاركة الشعب في اتخاذ القرار السياسي، ومراقبة تنفيذه والمحاسبة على نتائجه." [18]

وعليه، فالمجتمع المدني أساس التنمية البشرية، ولا يمكن تصور أية تنمية حقيقية وشاملة بدون مشاركة المجتمع المدني الذي يساهم بكل طاقاته التطوعية في تشغيل الإنسان من أجل خدمة الإنسان نفسه ماديا وعقليا ووجدانيا وحركيا.

Publicité
Publicité
Commentaires
Le BLog De Aziz
Publicité
Publicité